تمكنت مصممة الأزياء اللبنانية الأصل ريم عكرا، والتي تُعد واحدة من أشهر مصممي فساتين الزفاف في العالم، من تشييد إمبراطورية تحمل اسمها بفضل تصاميمها الراقية التي تجمع بين الحداثة واللمسات التقليدية.
على الرغم من أن اسمها أصبح مرادفاً لفساتين الزفاف في جميع أنحاء العالم، إلا أن إمبراطورية ريم عكرا انطلقت من بدايات متواضعة إلى حد ما. نشأت ريم عكرا وترعرعت مع ثلاثة أشقاء في بيروت، وفي سن المراهقة دفعها اهتمامها بكل ما يتعلق بالأزياء للانضمام إلى نادي الأزياء في الجامعة الأمريكية في بيروت، حيث كان والداها يعملان.
وأثناء فترة دراستها، لفتت عكرا الأنظار خلال إحدى الحفلات التي حضرتها وهي ترتدي ثوباً مطرزاً من الأورجانزا الحريري صممته بنفسها باستخدام مفرش طاولة من غرفة طعام والدتها. وقد لفت تعقيد التصميم والاهتمام بأدق التفاصيل انتباه إحدى محررات الأزياء التي كانت في الحفلة يومها.
وحرصاً منها على تسليط الضوء على هذه الموهبة المميزة، عرضت المحررة استضافة عرض أزياء للمصممة الناشئة. انتهزت عكرا الفرصة، وقامت بتقديم أول عرض لها على منصة العرض بعد 10 أيام فقط وبالتحديد في يونيو 1982. هذا النجاح جعلها تدرك أنها في طريقها لتحقيق هدفها، لذا واصلت متابعة شغفها وانضمت إلى معهد الأزياء والتكنولوجيا في نيويورك.
بعد تخرجها بامتياز مع مرتبة الشرف من معهد الأزياء والتكنولوجيا عام 1986، قررت ريم عكرا الغوص بشكل أعمق في هذا المجال وصقل مهاراتها بشكل أكبر من خلال التسجيل في أكاديمية التصميم العليا للفنون والآداب في باريس (إسمود).
وبعد فترة من تخرجها من (إسمود)، وبالتحديد في عام 1997، طُلب من عكرا تصميم فستان زفاف لصديقتها المقربة التي كانت من الشخصيات الاجتماعية المعروفة. لكن كما كشفت المصممة اللبنانية ذات مرة، كان الأمر عبارة عن رهان، إذ اشترطت الصديقة قيام عكرا بتصميم فستان زفافها كشرط وحيد لإتمام إجراءات الزفاف. وهو التحدي الذي قبلته ريم رغم أن موعد الزفاف كان بعد ثلاثة أسابيع فقط.
ومع ذلك، تمكنت عكرا من الفوز بالتحدي، واستخدمت مهاراتها في الخياطة وحياكة الأزهار المصنوعة يدوياً التي تعلمتها من جدتها منذ أن كانت في الخامسة من عمرها لإنهاء الفستان. ووثقت عكرا خطوات تصميم وحياكة الفستان بالتعاون مع إحدى صديقاتها من هواة التصوير، وهي الصور التي نشرتها فيما بعد صحيفة نيويورك تايمز لتبدأ عكرا بصناعة التاريخ منذ ذلك الحين.
بعد الأصداء الإيجابية التي لاقاها هذا التصميم، أطلقت عكرا خط أزياء للزفاف حمل اسمها في العام نفسه. وقد جذبت تقنياتها المميزة وقصاتها الدرامية وتصاميمها المبتكرة والتطريز بالخرز والدانتيل انتباه العالم، مما عزز مكانتها في سوق فساتين الزفاف.
بعد بضع سنوات، وسعت عكرا من أعمالها وقدمت مجموعة للملابس الجاهزة تميزت بقطع مصنوعة بعناية مع زخرفة وتطريز لا تشوبه شائبة وتفاصيل متعددة الطبقات. ولتوسيع مجموعتها بشكل أكبر وإبراز تنوعها، بدأت بتقديم تشكيلة واسعة أخرى من الأزياء مثل العباءات البراقة والفساتين بألوان الباستيل والفساتين القصيرة المرحة، وغيرها من التصاميم البسيطة.
تواصل علامة ريم عكرا نيويورك جذب العملاء المتميزين من النساء والملوك ورؤساء الدول ونخبة المجتمع. ومن خلال تواجدها في أكثر من 25 دولة حول العالم، يمكن العثور على إبداعاتها في عدد من متاجر التسوق الشهيرة في العالم، بما فيها متجر متجر برجدورف جودمان ونيومان ماركوس وساكس فيفث أفنيو.
كما تُعد أزيائها من القطع المفضلة لدى العديد من المشاهير أمثال أنجلينا جولي وتايلور سويفت وجنيفر لوبيز وبيونسيه وهالي بيري وسيلينا جوميز، حيث تباهت هذه النجمات بمجموعاتها خلال ظهورهن على السجادة الحمراء في عدد من المناسبات، بما في ذلك حفل توزيع جوائز الأوسكار وجرامي وجولدن غلوب.
يُذكر بأن ريم عكرا هي أحد الأعضاء المرموقين في مجلس مصممي الأزياء في أمريكا، ومجلس الزفاف الأمريكي والمجلس الاستشاري الدولي للجامعة الأمريكية في بيروت، كما عملت في مجلس إدارة مجلس دبي للتصميم والأزياء منذ إنشائه. وخلال مسيرتها، حصلت على عدد من الجوائز البارزة، بما في ذلك حصولها على لقب سابع أقوى امرأة عربية في العالم من قبل مجلة فوربس وحصولها على جائزة بناء الجسور من مؤسسة جسور التفاهم، وهي منظمة غير ربحية تسعى إلى تحسين العلاقات بين الشرق الأوسط والولايات المتحدة.
تعمل عكرا أيضاً كمرشدة للمصممين الطموحين وعضو رئيسي في لجنة التحكيم في برنامج الواقع التلفزيوني الشهير في الشرق الأوسط "فاشن ستارز"، والذي حصل على إشادة النقاد وكان له دور فعال في تأكيد مكانة منطقة الشرق الأوسط الطليعية في إطلاق المواهب الناشئة في عالم تصميم الأزياء. وفي قلب كل ذلك، تؤمن عكرا بأهمية تمكين المرأة، وتأمل في أن تساهم إبداعاتها بمنح السيدات الثقة ليتألقن بأفضل صورة.