نتعرف على تاريخ دار المجوهرات والساعات الفاخرة، كارتييه، والتي تحتفل هذا العام بمرور 175 عاماً على تأسيسها
لطالما سلبت كارتييه الألباب بإبداعاتها المميزة. تمتلك الدار المعروفة بتصاميمها الأيقونية من المجوهرات والساعات، أكثر من 200 متجر تنتشر في 60 دولة حول العالم، كما أنها دار المجوهرات المفضلة لدى الملوك والمشاهير على حد سواء. لذلك، فإنه من الصعب تصور أن بدايات علامة تجارية بهذه المكانة كانت متواضعة إلى حد ما، حيث بدأت قصتها من ورشة مجوهرات صغيرة في شارع مونتورجيل في باريس.
في عام 1847، تولى لويس فرانسوا كارتييه، الذي كان يبلغ من العمر آنذاك 29 عاماً فقط، إدارة ورشة المجوهرات الخاصة برئيسه بالعمل ويُدعى أدولف بيكارد. وعلى الرغم من حالة التوتر والاضطرابات التي عمت البلاط خلال الثورة الفرنسية في ذلك الوقت، إلا أن ورشته واصلت العمل والازدهار.
وتمكن بفضل خبرته من جذب عُلية المجتمع الذين سعوا لاقتناء إبداعاته المتميزة. انتشر أخبار مهاراته بسرعة بين الأوساط الراقية، وفي عام 1856، قامت الأميرة ماتيلد، ابنة أخت نابليون الأول وابنة عم الإمبراطور نابليون الثالث، بشراء أول قطعة لها من العلامة التجارية. وبعد سلسلة من النجاحات، افتتح لويس فرانسوا أول بوتيك يحمل اسم كارتييه في عام 1859.
ولمواكبة الطلب المتزايد، بدأ لويس فرانسوا بتدريب ابنه ألفريد وأحفاده لويس وبيير وجاك على أسرار المهنة، حيث شاركوه شغفه وتمكنوا من إضفاء لمسات جديدة على العلامة التجارية، ما أدى إلى تنوع المعروضات وزيادة انتشارها. وهكذا، مع ازدهار الأعمال التجارية، افتتحت العائلة بوتيكاً باريسياً جديداً في شارع "رو دي لا بيه" في عام 1899، والذي أصبح فيما بعد موطناً لكارتييه والقاعدة التي من خلالها خطط أحفاد لويس فرانسوا للتوسع الدولي.
في هذه المرحلة - مطلع القرن العشرين – اقتصرت منتجات كارتييه على المجوهرات فقط. ولكن مع تولي لويس مهمة المدير الإبداعي للعلامة التجارية، بدأت ملامح التغيير تظهر في الأفق.
كانت ساعة الجيب هي الساعة المستخدمة خلال فترة أوائل القرن العشرين. وعلى الرغم من جمالية تصميمها، إلا أنها لم تكن مناسبة للرجل العامل. وهو التحدي الذي عانى منه رائد الطيران البرازيلي ألبرتو سانتوس دومون أثناء الطيران وناقشه مع صديقه لويس. هذا الحوار ألهم لويس لإنشاء أول ساعة كارتييه، وكانت عبارة عن ساعة يد مسطحة مع علبة مربعة وإطار مربع على غرار ساعات الجيب المربعة الفريدة من نوعها في تلك الحقبة.
على الرغم من أن هذه لم تكن أول ساعة يد على الإطلاق، إلا أن هذه الساعة الأنيقة، والتي أطلق عليها اسم كارتييه سانتوس دومونت، أصبحت أول ساعة تجريبية يتم إنتاجها على الإطلاق. أثارت شعبيتها اهتمام عملاء كارتييه الأخريين، لتقوم الدار بعد ذلك بتوسيع نطاق خط إنتاج الساعات.
في عام 1914، تم تقديم تصميم النمر الأيقوني لأول مرة في أول مجموعة للساعات النسائية التي تطلقها الدار، حيث شُكلت بقع النمر باستخدام الأونيكس والماس. ومنذ ذلك الحين، واصلت كارتييه إنشاء العديد من الساعات التي أصبحت جميعها أيقونات، بما في ذلك تونو وبينوار وتورتو في أوائل القرن العشرين، تليها تانك في الأربعينيات وكراش في الستينيات، والتي ساعدت العلامة التجارية على تجاوز تحديات الحربين العالميتين الأولى والثانية.
وحظي خط المجوهرات في الدار بشعبية كبيرة في القرن العشرين. وفي عام 1911، تم تكليف كارتييه بصنع قلادة مكونة من 2930 ماسة من قبل مهراجا باتيالا.
في عام 1924، أطلقت مجموعة ترينتي دي كارتييه، وهي قطعة مميزة في مجموعة مجوهرات كارتييه. الحلقات الثلاث ترمز إلى مراحل مختلفة من العلاقة، الوردي للحب والأبيض للصداقة والأصفر للإخلاص.
وأصبح اسم كارتييه مرادفاً لعالم الأثرياء والمشاهير منذ عقود، بداية من الأمير رينييه من موناكو، الذي أهدى خاتم خطوبة مرصع بالياقوت عيار 10.47 قيراطاً إلى غريس كيلي، وحتى ريتشارد بيرتون الذي أهدى عقداً مرصعاً بماسة كارتييه بوزن 69.42 قيراطاً إلى إليزابيث تايلور (أطلق عليها اسم تايلور بيرتون دايموند).
ابتكرت الدار أيضاً قطعاً رائعة للملكة الراحلة إليزابيث الثانية، التي أهدت تاج هالو من كارتييه إلى كاثرين، أميرة ويلز، يوم زفافها على الأمير ويليام.
ربما يكون أحد أكثر إبداعات الدار شهرة هو سوار كارتييه لوف، الذي ابتكره مصمم المجوهرات الإيطالي ألدو سيبولو في ورشة كارتييه بنيويورك في السبعينيات. والآن، وبعد نصف قرن من الرسم الأول، لا تزال هذه المجموعة الأشهر للدار بفضل خطوطها الانسيابية وآلية القفل الفريدة التي تتكون من قوسين صلبين يجب ربطهما معاً باستخدام مفك براغي خاص مطابق.
تحظى مجموعة جاست آن كلو بشعبية مماثلة، وهي المجموعة التي أطلقت كذلك في السبعينيات في نيويورك. كسر شكل المسمار البارز قيود التصاميم التقليدية عندما تم إطلاقه لأول مرة، وجاء ليرمز إلى جوهر من يرتديه، الشخص المستقل والشجاع والحر.
على الرغم من تغير القائمين على الدار بعد وفاة أحفاد لويس فرانسوا في سبعينيات القرن الماضي، إلا أن فريق المستثمرين بقيادة جوزيف كانوي، الذي اشترى أولاً كارتييه باريس، ليلحقها بعد ذلك بكارتييه لندن وكارتييه نيويورك، عين رؤساء مبدعين قادوا العلامة التجارية في الاتجاه الصحيح. وبفضل قدراتهم الإبداعية، تمكنت كارتييه من الوصول إلى آفاق جديدة من التميز مع المنتجات التي استمرت في كسر الصورة النمطية لصناعة الساعات والمجوهرات التقليدية.