بعد مرور عام على الإعلان عنها، تسير أجندة دبي الاقتصادية "D33" بثبات لترسيخ مكانة دبي كواحدة من أفضل المدن في العالم للاستثمار والعيش والعمل
- ناصر النويس، رئيس مجلس إدارة روتانا
سيصادف عام 2033 مرور 200 عام على تأسيس إمارة دبي تحت قيادة عائلة آل مكتوم الحاكمة. كانت المنطقة مختلفة تماماً في أوائل القرن التاسع عشر، حيث كانت معظم المستوطنات مجرد مدن صغيرة يعيش فيها عدد قليل من القبائل. لكن كل ذلك كان على وشك التغير، مع تولي عائلة آل مكتوم السلطة في عام 1833. وبفضل بصيرة الشيخ مكتوم بن بطي والشيخ عبيد بن سعيد، بدأت الإمارة حديثة النشأة في التحول تدريجياً، حيث سعى قادتها إلى جعلها ملاذاً آمناً لشعبها، ودولة قوية تظل صامدة في مواجهة المشهد السياسي والاقتصادي سريع التقلب. وهذه الفضيلة هي التي ساهمت في تحويل دبي من قرية صيد متواضعة إلى قوة عالمية لا تزال جذورها راسخة في نسيج الأمة حتى اليوم، وبعد مرور قرنين من الزمن تقريباً.
ترقباً لإنجاز 200 عام في عام 2033، وفي الذكرى السابعة عشرة ليوم انضمام صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، تم العام الماضي إطلاق أجندة دبي الاقتصادية "D33" الطموحة، والتي تأتي تأكيداً على التزام دبي الثابت بالتقدم والابتكار والازدهار في سعيها نحو عصر جديد من النمو المستدام.
الأجندة الاقتصادية D33
تمثل الأجندة الاقتصادية D33 التي جاءت بفضل رؤية القيادة الحكيمة، استراتيجية تهدف إلى إعادة تشكيل المشهد الاقتصادي في دبي وتعزيز مكانتها كقوة اقتصادية عالمية. وتحت قيادة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، تحدد هذه الخطة التحويلية 100 مشروع جديد بأهداف اقتصادية بقيمة 32 تريليون درهم إماراتي على مدى العقد المقبل. والهدف الرئيسي هو مضاعفة حجم اقتصاد دبي ووضعه ضمن أفضل ثلاث مدن عالمية للاستثمار والعيش والعمل.
وفي هذا الإعلان، قال صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم: "2033 هو العام الذي تكمل فيه دبي الحديثة 200 عام. و2033 هو العام الذي ستكون فيه دبي بإذن الله المركز الاقتصادي العالمي الأهم، و2033 هو العام الذي تكتمل فيه رحلتنا الاقتصادية ."D33" نحن نعرف موقعنا الاقتصادي العالمي خلال السنوات القادمة.. والعالم يفسح الطريق لمن يعرف ماذا يريد".
لا تكتفي دبي بما حققته من إنجازات، وهذا ما تؤكده هذه الاستراتيجية التي تعبر عن شغف المدينة بالحفاظ على التميز. وفي قلب جدول الأعمال هناك التزام راسخ بتأمين مكانة دبي كمركز دولي وبيئة تسهم في ازدهار الأعمال. وتسلط الخطة الضوء على أهمية تسريع عملية النمو من خلال زيادة الاستثمار في التنمية البشرية وتطوير المهارات والتكنولوجيا المتقدمة، مستفيدة من الموقع الاستراتيجي للإمارة وبنيتها التحتية المتقدمة.
ومن بين الأولويات الرئيسية للأجندة الاقتصادية D33 مضاعفة التجارة الخارجية لتصل إلى 25.6 تريليون درهم، وجذب أكثر من 650 مليار درهم من الاستثمار الأجنبي المباشر، وتحقيق مساهمة سنوية بقيمة 100 مليار درهم من التحول الرقمي. كما تتضمن الخطة زيادة كبيرة في النفقات الحكومية إلى أكثر من 700 مليار درهم، مع التركيز على قطاعات النمو المستقبلي وتطوير القطاعات التجارية والاقتصادية التقليدية. علاوة على ذلك، تهدف الأجندة إلى تعزيز القدرة التنافسية لقطاع الأعمال في المدينة، بهدف زيادة استثمارات القطاع الخاص إلى تريليون درهم والطلب المحلي على السلع والخدمات إلى 3 تريليون درهم.
تعزيز الحضور
وبعد مرور عام واحد على انطلاقها، تسير الأجندة الاقتصادية D33 بثبات على المسار الصحيح لتحقيق رؤية دبي لغد أكثر إشراقاً. وتعد مبادرة ممرات دبي الاقتصادية 2033 واحدة من أولى المشاريع ضمن استراتيجية D33 التي تهدف إلى إضافة 400 مدينة كشركاء تجاريين رئيسيين وتعزيز العلاقات التجارية الخارجية مع أفريقيا وأمريكا اللاتينية وجنوب شرق آسيا. بالإضافة إلى ذلك، تؤكد مبادرات مثل رخصة دبي الموحدة وبرنامج "ساندبوكس" لدعم الشركات على الالتزام بدعم الابتكار والشمولية وتعزيز بيئة الأعمال الديناميكية.
الانسان أولاً
ولكن الأمر لا يتعلق فقط بالعمل! وكما هو الحال مع كل استراتيجية تنموية في هذه الأمة المجيدة، فإن الانسان يأتي دائماً في المقام الأول. ولذلك، تشمل الأجندة الاقتصادية D33 مجموعة متنوعة من البرامج الهادفة لتعزيز التنمية البشرية في كل مجال. على سبيل المثال، تم الإعلان عن مبادرة جديدة لدعم نمو 30 شركة في قطاعات جديدة لتصبح شركات عالمية رائدة ودمج 65 ألف شاب إماراتي في القوى العاملة والقطاع الخاص. وبالمثل، فإن مشروع تجار دبي (DT33) يسير على الطريق الصحيح لتمكين جيل جديد من التجار في مختلف القطاعات الرئيسية، ويسهم بالتالي في دفع عجلة النمو في هذا المركز التجاري النابض بالحياة. علاوة على ذلك، يعد إطلاق استراتيجية مشروع دبي عنصراً رئيسياً آخر، حيث تهدف إلى جذب أفضل الجامعات في العالم، كجزء من الهدف الأوسع المتمثل في جعل دبي مركزاً عالمياً رائداً للتعليم العالي.
إن الأجندة الاقتصادية D33 ليست مجرد خطة؛ بل تُعد بمثابة وعد بمستقبل نابض بالحياة، مستدام، ومبتكر يتجاوز حدود الإمارة، ويؤثر بشكل إيجابي على الدولة بأكملها والعالم. كما أنها تعكس تفاني دبي في توفير نوعية حياة عالمية المستوى لمواطنيها والمقيمين فيها مع ضمان أعلى مستويات الأمن والسلامة.
وبينما نشهد الكشف عن هذه الخطة الحكيمة، دعونا نستمد الإلهام من التزام دبي بالتقدم والابتكار. ونتطلع معاً إلى المساهمة في نجاح الأجندة الاقتصادية D33 والاستفادة منها، إذ تُعد هذه المبادرة التاريخية بمثابة صياغة لمستقبل دبي وخارجها.