top of page

عاصمة الثقافة

يُتيح لنا ختام الدورة السنوية السادسة للقمّة الثقافية أبوظبي فرصة للتأمل في مسيرة دولة الإمارات العربية المتحدة والجهود التي بذلت لترسيخ مكانة العاصمة كعنصر بارز في المشهد الثقافي الدولي


- ناصر النويس، رئيس مجلس إدارة روتانا


في دولة الإمارات العربية المتحدة، حيث الأفكار التقدمية والأحداث العالمية المستوى والمرافق الترفيهية المتطورة. وتتجلّى هذه المكانة المركزية للثقافة بشكل خاص في إمارة أبوظبي، التي حافظت على تراثها الغنيّ على الرغم من تطورها السريع على مرّ القرون. وحتى في المبادرات الاستراتيجية التي يتم تنفيذها اليوم لجذب الحشود الدولية، تظل الثقافة هي محور اهتمام الإمارة، مما يُعزز مكانتها كمركز ثقافي على المستويات المحلية والإقليمية والعالمية.


راسخة في التاريخ

إن الحفاظ على المعالم الأثرية في أبوظبي يؤكد التزام المدينة الراسخ بتراثها. وتنتشر شواهد هذا الالتزام كجواهر خالدة في جميع أنحاء العاصمة متمثلة في مواقع التراث العالمي التابعة لليونسكو، مثل واحة العين وبدع بنت سعود ومواقع هيلي الأثرية ومقابر حفيت. ولا تزال ملامح مختلفة من التراث غير المادي للدولة نابضة بالحياة، بدءاً من فن إعداد القهوة العربية وتقديمها، إلى ممارسة الصيد بالصقور، وعرض العيالة التقليدي. علاوة على ذلك، يتم سرد حكايات الماضي بشغف، بينما تجد التقاليد تعبيراً عنها من خلال أشكال فنية متنوعة، مما يُثري المشهد الثقافي في أبوظبي ويُعزّز مكانتها كمركز ثقافي عالمي.



تعانق الأماكن الثقافية الجديدة الأماكن القديمة بشكل مثالي، مما يوفر للزوار فرصة ثمينة راقية لاستكشاف التاريخ وحكاياته. في عام 2017، لقي افتتاح متحف اللوفر أبوظبي استحساناً كبيراً، مما أدى إلى إثراء المشهد الثقافي للمدينة بشكل كبير. وباعتباره أول متحف لوفر في الشرق الأوسط، فهو يقدم رواية عالمية عن تطور الفن، ويعرض مجموعة متنوعة من الثقافات. ومن خلال الاستفادة القصوى من شراكاته الفرنسية، نجح متحف اللوفر أبوظبي في استقطاب أعمال فنية قيمة إلى جزيرة السعديات، لتُعرض إما كجزء من المجموعة الدائمة للمتحف أو من خلال المعارض الموسمية، بينما عززت جائزة ريتشارد ميل للفنون، الجائزة الفنية الكبرى الوحيدة في الإمارات للفنانين الإقليميين المعاصرين، والتي أطلقت عام 2021، من ارتباط المتحف بالمجتمع المحلي.


حتى قبل ظهور متحف اللوفر أبوظبي، كان المجمع الثقافي يعمل بصمت على إعادة تشكيل المشهد الثقافي للمدينة بهدوء. تأسس هذا المجمع عام 1971 بموجب رؤية المغفور له الشيخ زايد، وافتتح أبوابه عام 1981 ليصبح منصةً نابضةً بالحياة لمختلف الفعاليات الثقافية، بدءاً من المعارض والعروض السينمائية وصولاً إلى معارض الكتب والعروض الفنية. وبعد عملية تجديد شاملة، أعيد افتتاح المجمع عام 2018 بمرافق متطورة تشمل صالات عرض جديدة واستوديوهات ومكتبة ومسرح، ليرسخ مكانته كمركز للفنون المسرحية.


وفي السنوات الأخيرة، برزت منارة السعديات أيضاً كمساحة فنية ديناميكية، حيث استضافت فعاليات مرموقة تهدف إلى جذب مجتمع الفن العالمي، مثل فن أبوظبي، الذي يقام سنوياً إلى جانب مجموعة متنوعة من المعارض المؤقتة على مدار العام.


بين ناطحات السحاب الحديثة، تتباهى معالم أبوظبي الثقافية بفخامة على الخريطة. بدءاً من عظمة جامع الشيخ زايد الكبير الآسرة، وصولاً إلى قصر الحصن، أقدم مبنى في العاصمة والذي يضم أول هيكل دائم للمدينة - وهو برج المراقبة - تقدم هذه المواقع الاستثنائية لمحة آسرة عن تاريخ الإمارة العريق وسط مشهدها المتطور باستمرار.


ويكتمل المشهد الثقافي من خلال المهرجانات التراثية المتنوعة التي تُقام على مدار العام، كل منها يُحيي جانباً من جوانب الثقافة المحلية الأصيلة. على سبيل المثال، يُقدم مهرجان الشيخ زايد عرضاً رائعاً لموروث المنطقة الغني، بما في ذلك الفنون والحرف المحلية والمطبخ والتقاليد المحلية، بينما يحتفي مهرجان ليوا للتمور برمز عزيز على الثقافة الإماراتية.


وبفضل هذا الثراء التراثي، ليس من المستغرب أن تكون الإمارة المضيف المثالي لقمة الثقافة العالمية كل عام.


تعزيز الروابط الثقافية

اختتمت دائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي، في شهر مارس النسخة السادسة من القمّة الثقافية أبوظبي. يُعقد هذا المنتدى العالمي بالشراكة مع اليونسكو وجوجل ومتحف ومؤسسة سولومون آر جوجنهايم والمجمع الثقافي واللوفر أبوظبي ومنتدى ثقافة المدن العالمية ومتحف زايد الوطني وغيرها. وقد جمع هذا المنتدى العالمي في منارة السعديات نخبة من قادة الفكر من مجالات متنوعة، مثل الفن والتراث والإعلام والموسيقى والمتاحف والسياسة العامة والتكنولوجيا.



وتحت شعار "مسألة وقت"، بحث المشاركون في كيفية معالجة الثقافة للتحديات المعاصرة المتعلقة بإدراك الوقت. وتضمنت القمة كلمات رئيسية وحلقات نقاش وورش عمل ومدخلات فنية وجلسات للسياسات وعروضاً ثقافية ومعارض للفنون البصرية، بهدف تحليل مفاهيم الزمن المتغيرة وتأثيرها على القطاعات الثقافية والإبداعية.


رائدةً في عالم الثقافة

تعمل دائرة الثقافة والسياحة - أبوظبي بلا كلل وراء الكواليس لتوحيد كل هذه المساعي، حيث تواصل دفع عجلة تحول أبوظبي لتصبح وجهة ثقافية ديناميكية على الساحة العالمية. ومن خلال التعاون الوثيق مع اليونسكو، تلتزم دائرة الثقافة والسياحة - أبوظبي بالحفاظ على التراث المادي وغير المادي للعاصمة مع عرض هذا النسيج الغني للمقيمين والسياح على حدٍ سواء. ومن خلال سرد قصة الأمة من خلال المواقع الأثرية والمباني التاريخية والمتاحف والمراكز المجتمعية وبرامج الفنون البصرية والمسرحية، تعمل الدائرة على تعزيز المشاركة والحوار وتعميق فهم التراث الثقافي لدولة الإمارات العربية المتحدة.


ومن خلال المبادرات التعليمية وبرامج المشاركة العامة، تعمل دائرة الثقافة والسياحة أبوظبي أيضاً على إطلاق المساعي الفنية والفكرية التي تستجيب للتحديات الحديثة وتُشكل مسار الأمة. كما تساهم الدائرة من خلال عمليات التنقيب المستمرة والأبحاث الجادة في توسيع نطاق المعرفة بتاريخ المنطقة. وبفضل هذه الجهود، تتألق أبوظبي كمنارة للتنوير الثقافي، وإظهار الأهمية الدائمة للحفاظ على التراث.

bottom of page