يعد السركال أفنيو ركيزة ثابتة في مشهد الفن المعاصر بدبي، حيث يسحر عشاق الفن بمجموعة متنوعة من العروض الإبداعية والفعاليات الشيقة
كان سكان دبي ينظرون لمنطقة القوز على أنها متاهة من الشوارع المتشابهة والمستودعات البسيطة، إلا أنها أصبحت اليوم واحدة من أكثر المناطق الإبداعية رواجًا في المدينة. وعلى النقيض تمامًا من العروض الفاخرة التي تقدمها الإمارة، ينبع سحر المنطقة من سحرها البسيط وجمالياتها الصناعية، مما يجعلها مكانًا مثاليًا لأنشطة شارع السركال الإبداعية تماماً كلوحة فنية فارغة تنتظر اللمسات الفنية.
تحول السركال أفنيو على مدار العقدين الماضيين من مركز صناعي إلى مركز جذب للإبداع الفني المزدهر. كما أنه موطن لمهرجان "القوز للفنون" والذي يُعد من الفعاليات الفنية السنوية الشهيرة في دبي، ويتميز ببرنامج متنوع من الحفلات الموسيقية الحية والمعارض الفنية والرقص المعاصر والفنون المسرحية المتنوعة والتركيبات والمنشآت الفنية وغيرها الكثير.
من وحي شغفه العميق بالفنون وخبرته الواسعة في تطوير العقارات، أسس عبد المحسن بن عيسى السركال المقيم في دبي، السركال أفنيو، حيث قال عند إنشائه هذا المشروع الثقافي والفني الطموح: "أردت أن أقدم مساهمة هادفة في مجال الفنون والثقافة في الإمارات العربية المتحدة والمنطقة".
منذ بدايته المتواضعة كمعرض فني منفرد في عام 2008، اكتسب السركال أفنيو زخمًا سريعًا، وتمكن من جذب مشاريع ذات توجهات فنية مماثلة إلى جواره. ولا يزال الأفنيو يتوسع بشكل مثير للإعجاب مواكباً النمو الكبير في مجتمع المدينة الثقافي، حيث امتد التخطيط الأصلي الذي كان يضم 20 مستودعًا سابقًا ليغطي الآن 500 ألف قدم مربع مع 70 مستودعًا أعيد استخدامها كمعارض فنية واستوديوهات للرقص ومساحات فريدة تشكل خلفية لمناسبات موسمية وتجمعات مجتمعية تقام في الهواء الطلق.
أصبح السركال أفنيو مرادفاً للمبادرات الثقافية المحلية إلى جانب المعارض الناشئة والراسخة مثل غاليري "أيام"، وغاليري "غرين آرت"، وغاليري "كاستو دبي"، و"جلف فوتو بلس" و"لوري شبيب". ولتوسيع نطاق منصته، تم إطلاق "برمجة السركال" في عام 2015، حيث تقدم مجموعة من الأعمال الفنية المطلوبة والعروض السينمائية والمحاضرات والمعارض التي يستضيفها المواهب الشابة. ومنذ ذلك الحين، تحول المكان إلى مركز تتناغم فيه أشكال التعبير المختلفة، بدءًا من الأفلام الأجنبية إلى الموسيقى الحية والكوميديا والرسم، ليصبح ملاذًا للراغبين في استكشاف الإبداع على مدار العام.
وإلى جانب مهرجان "القوز للفنون" السنوي، والذي اختتم عامه الحادي عشر في يناير 2024، شهد شهري فبراير ومارس استضافة "أسبوع السركال للفنون"، والذي قدم برنامجاً فنياً وثقافياً على مدار أسبوع كامل مع تكوينات فنية جديدة ومشاريع ومعارض وجولات تعريفية وورش عمل ومتاجر مؤقتة.
وتعد "سينما عقيل"، والتي تمثل مسعىً رائداً كأول سينما فنية متكاملة في المنطقة، من العلامات البارزة داخل الحي، حيث تشكل ملاذاً لعشاق السينما الساعين إلى الانغماس في فن صناعة الأفلام. تم إنشاء هذه السينما استجابة للطلب المتزايد لتجربة جديدة سينمائية جديدة في الإمارات بهدف إثراء المشهد السينمائي المحلي، وتزويد الجمهور بإنتاجات عالمية للجمهور تمتد عبر مختلف العصور. بالإضافة إلى ذلك، تسعى سينما عقيل لعرض أعمال جديدة مميزة لمخرجين ناشئين من جميع انحاء العالم، مما يساهم في تعزيز الخطاب العالمي حول صناعة السينما المعاصرة.
من الأماكن الأخرى البارزة في السركال أفنيو هو "معهد فِكر" والذي أسسته الكاتبة الإماراتية دبي بالهول ليكون بمثابة ملتقى للكتاب والقراء والفنانين والباحثين والدبلوماسيين وصناع السياسات على حد سواء. يضم المعهد مجموعة كبيرة تشمل أكثر من 15 ألف كتاب ثنائي اللغة أغلبها يغوص في أعماق السياسة والثقافة، ويتم تشجيع الزوار على مراجعة مفاهيمهم المُسبقة حول تاريخ العالم والسياسة والثقافة العالمية عن طريق التفاعل مع الموارد المثيرة للفكر التي بين أيديهم.
مؤسسة أخرى بارزة في الجوار هي "ذا فريدج"، وهي وكالة لإدارة المواهب تمثل مجموعة متنوعة من الموسيقيين والفنانين. وتستضيف الوكالة عروضاً منتظمة كجزء من حفلات "ذا فريدج"، مما يوفر منصة للمواهب الناشئة لعرض إبداعاتهم الأصلية للجمهور داخل دولة الإمارات. بالإضافة إلى ذلك، تساهم الوكالة في التطور المستمر لمشهد الفنون المسرحية من خلال استضافتها لمسرح "ذا جانكشن"، وفرقة الرقص المقيمة، ومسرح سيما للفنون المسرحية لتقديم العروض على مدار العام في السركال أفنيو.