يشاركنا تيبو كريفيلي، صاحب الرؤية وراء دار العطور الباريسية "ميزون كريفيلي"، لمحات عن رحلة حياته التي تتشابك بين ذكريات الطفولة والمغامرات العالمية، ليقدم لنا عطوراً رائعة وفريدة من نوعها
في عالم يهيمن عليه العطر، حيث تستحضر الروائح ذكريات حية وتثير مشاعر عميقة، يبرز تيبو كريفيلي بأسلوبه المميز في صياغة العطور. وبصفته مؤسس "ميزون كريفيلي"، يعتني تيبو بمكتبة من الروائح المستوحاة من مغامراته العالمية. كل عطر من هذه المجموعة العطرية هو بمثابة سجل ملموس لرحلاته، يتشابك بسلاسة مع جوهر تراثه الباريسي.
قبل إطلاق "ميزون كريفيلي" لأحدث إبداعاتها في الشرق الأوسط، حظينا بفرصة للتعرف على فلسفة تيبو العميقة. بفضل نشأته المميزة ورحلاته الواسعة، فإن نظرته للعطور تتجاوز المألوف. يقول تيبو: "الحياة مغامرة مليئة بالمفاجآت، وعطور ميزون كريفيلي تدعوك لاحتضانها بالكامل. روائحنا ليست مجرد عطور، بل هي مغامرات جميلة تحتفل بما هو غير متوقع".
بالنسبة إلى تيبو، يعتبر العطر تجربة حية، وشكل فني لا يمكن التنبؤ به يتطور باستمرار. في كل عطر، تتداخل جوانب مختلفة وتعبّر عن نفسها، مما يضفي على الرائحة طاقة ديناميكية وشخصية مميزة يتردد صداها على مستوى شخصي عميق. يجسد "ميزون كريفيلي" هذه الروح، ويغرس كل عطر بجوهر تجارب حياته الغنية والمتنوعة.
وُلد تيبو في باريس، ونشأته بين وسط فرنسا والمناظر الطبيعية الساحرة لبروفانس جعلت العطر جزءاً لا يتجزأ من حياته منذ البداية. يقول تيبو وهو يسترجع ذكريات طفولته: "أتيحت لي الفرصة عندما كنت طفلاً لاكتشاف مكونات العطور بشكل مباشر، حيث أمضيت ساعات طويلة منغمساً في الطبيعة بين الحقول. نشأت في بلدة صغيرة بوسط فرنسا، وكانت حديقتنا تزهر بالعديد من الزهور خلال الربيع. وفي الصيف، كنا نسافر إلى منزل عائلتنا في الريفييرا الفرنسية، وخلال فصلي الخريف والشتاء، نقضي الكثير من الوقت في الغابات".
في عام 2006، انتقل تيبو إلى الصين - وهي خطوة سمحت له بالانغماس بالكامل في نسيج الثقافات الآسيوية النابض بالحياة على مدى عقد من الزمن. شهدت هذه الفترة من الاستكشاف امتزاج الذوق الغربي مع تأثيرات جديدة، مما أتاح له الوصول المباشر إلى مزارع المواد الخام للعطور. وحول ذلك يقول تيبو: "سمح لي اكتشاف هذه المكونات من خلال عدسة حسية بالوصول إلى لحظات فريدة، وهذه اللحظات هي التي أشاركها من خلال عطوري."
من رائحة خشب الصندل المحترق على سفوح بركان ثائر وحتى التنقل في مزرعة كاكاو على ظهر دراجة نارية، امتدت مغامرات تيبو عبر مجموعة واسعة من التجارب الحسية. سواء كان يتذوق نكهات غريبة تحت أضواء الشفق القطبي أو يتجول في حقل من زهور السوسن على حافة الصحراء، فإن كل لقاء كان يثري إدراكه للعطور بطرق عميقة. أصبحت هذه التجارب غير العادية الآن حجر الزاوية في فلسفة صناعة العطور لدى تيبو، حيث يسعى لمشاركة جوهر هذه العجائب الحسية من خلال إبداعاته.
يتجلى هذا النهج في ابتكاره الأخير " توبيريوز أسترال"، يقول تيبو: "يعكس هذا العطر ذكريات طفولة عديدة عشتها مع والدي الذي كان شغوفاً بعلم الفلك. عندما يكون الموسم مناسباً،خاصة في الصيف، كنا ننطلق أحياناً في الليل لمراقبة الأبراج من خلال التلسكوب. في أغلب الأحيان، نتوجه إلى سهل واسع ليس بعيداً عن المنزل. لقد كان مكاناً معزولاً بدون تلوث ضوئي. أتذكر أن نسمة خفيفة كانت تهب غالباً عبر الأعشاب الطويلة وكانت الجنادب تغني من حولنا. وبالقرب منا كانت هناك حديقة مليئة بالزهور، بما في ذلك الزنابق. في أواخر الصيف، كانت تنبعث رائحة رائعة في الليل. لقد منحتني هذه الذكرى فكرة العمل على زهرة زنبق شديدة التوهج واللمعان تعتمد على اتفاق حليبي مخملي من الجلد والمسك".
وبالمثل، فإن كل عطر مستوحى من فصل فريد من حياة تيبو. ومع ذلك، فهو يختار عدم الكشف عن الموقع الدقيق الذي نشأ منه كل عطر حتى يسمح لمرتديه بالتواصل مع الرائحة وعيش رحلته الشخصية من خلالها. ويقول: "لا أرغب بالتركيز على نفسي، ولكن على ما سيشعر به الآخرون عندما يضعون العطر."