نستكشف جبال المنطقة الوعرة والوديان المتعرجة والمناظر الطبيعية الخيالية في رحلة عبر مسارات المشي المتنوعة في الشرق الأوسط
بدءاً من الكثبان الرملية التي تعصف بها الرياح في المملكة العربية السعودية وحتى الوديان المتعرجة في رأس الخيمة، تقدم منطقة الشرق الأوسط مجموعة متنوعة من تجارب المشي لمسافات طويلة. سواء كنت تتسلق المنحدرات الصخرية أو تتجول في الوديان الخضراء، فإن كل طريق يعدك بمغامرة ممتعة وسط جمال الطبيعة اللامتناهي.
نستكشف معاً مواقع المشي المذهلة في الشرق الأوسط، والتي من المؤكد أنها ستوقد لديك شغف التجوال لمغامرتك القادمة.
وادي شوكة
يقع وادي شوكة، الذي يُعد جنّة للمتنزهين، بين أحضان جبال الحجر الوعرة في إمارة رأس الخيمة. يمتد هذا الوادي لمسافة ثماني كيلومترات تقريباً، ويتعرج من قرية خاري شمالي قرية شوكة، ويلتقي بوادي إسفاي ووادي العجيلي.
خلال فصل الشتاء، ومع هطول الأمطار، يتحول وادي شوكة إلى مجرى نهر موسمي، ويزين المناظر الطبيعية بواحات مورقة وبِركٍ طبيعية. تُشكل هذه التحولات، مقابل التضاريس الصخرية والمنحدرات الجرداء، تبايناً خلاباً. وأثناء المشي على طول المسارات المتعرجة، ستصادف بقايا مستوطنات قديمة تعكس ماضي المنطقة الزراعي العريق، والتي تم استبدالها الآن بمزارع حديثة، حيث قد تصادف الماعز الجبلي في بعض الأحيان.
وادي الموجب
يُعرف وادي الموجب، الممتد على طول 70 كيلومتراً عبر المملكة الأردنية، باسم "جراند كانيون الأردن"، وهو موطن لأدنى محمية طبيعية في العالم - محمية الموجب للمحيط الحيوي. وبينما يشق نهر الموجب طريقه عبر الوادي، يتذبذب ارتفاع الوادي من 900 متر فوق مستوى سطح البحر إلى 410 أمتار تحته عند اقترابه من البحر الميت. يعزز تنوع التضاريس هذا من التنوع البيولوجي الاستثنائي في المنطقة، حيث تضم أكثر من 300 نوع من النباتات، إلى جانب القطط البرية والوعول والطيور والوعل الأفريقي وغيرها من المخلوقات النادرة. توفر التضاريس المتنوعة للمتجولين مناظر خلابة للمنحدرات الشاهقة والشلالات، بالإضافة إلى فرصة مشاهدة الحياة البرية.
توفر المحمية مجموعة من مسارات المشي التي تناسب مختلف المهارات، حيث يقود "ممر السيق"، وهو مسار سهل إلى متوسط، المتنزهين بين منحدرات الحجر الرملي إلى قاعدة شلال مهيب. ويمتد "درب الموجب" المليء بالتحديات لمسافة 15 كيلومتراً، ويضم مجموعة متنوعة من النباتات والحيوانات. أما بالنسبة لمحبي الإثارة، فيقدم "مسار الكانيون" نزولاً مثيراً عبر شلال بارتفاع 20 متراً.
فوهة وِهبة
تقع فوهة وهبة، وهي أكبر وأعمق فوهة بركانية في المملكة العربية السعودية، شمال شرق جدة. تشكّلت هذه الفوهة الضخمة التي يبلغ قطرها 3000 متر، منذ أكثر من مليون سنة خلال ثوران بركاني، وتتميز بمناظر طبيعية تشبه القمر، ما يضفي عليها سحراً ينقلك إلى عالم آخر. تحيط بالفوهة جبال اللحيان وأم ريلان وزبنة، لتشكل خلفية خلابة توفر إطلالات مذهلة على المناظر الطبيعية.
يمكن للمبتدئين الاستمتاع بنزهة هادئة سيراً على الأقدام على طول حافة الفوهة، والاستمتاع بالمناظر الشاسعة، بينما يمكن للمتنزهين الأكثر جرأة القيام بنزول صعب إلى قاعها الذي يبلغ عمقه 380 مترا. في الأسفل، يمكنهم الاستمتاع بمنظر تكوينات القشرة المالحة الدراماتيكية والمعادن الأخرى التي خلفتها المياه المتبخرة. وخلال موسم الأمطار، يتغير شكل محيط الفوهة، حيث تزدهر النباتات البرية على طول حوافها.
درب جبل البحر الأحمر
يُعد مسار جبل البحر الأحمر أول طريق طويل للمشي لمسافات طويلة في البر الرئيسي لمصر، حيث يمتد هذا المسار لمسافة 170 كيلومتراً عبر الصحراء ويستغرق إكماله أكثر من 14 يوماً للمتسلقين المتمرسين. تم إنشاؤه وإدارته من قبل قبيلة المعزة البدوية، ويربط بين طرق التجارة والسفر ورعي الأغنام القديمة في مسار حديث موحد.
تنطلق هذه الرحلة عبر إحدى المناطق البرية عزلةً وجمالاً في الشرق الأوسط، حيث تعرض تضاريس متنوعة، من السهول الصحراوية الشاسعة إلى الوديان العميقة والقمم الشاهقة. يكشف المسار الغني بالتاريخ، عن بقايا الحضارات الماضية، بما في ذلك المدن الرومانية المتهالكة والفن الصخري الذي يعود إلى عصور ما قبل التاريخ.
وإلى جانب الطريق الرئيسي، الذي يبلغ طوله 170 كيلومتراً، تتوفر مسارات بديلة أسهل توفر خيارات مناسبة للمبتدئين. بالإضافة إلى ذلك، توفر ستة مراكز مخصصة للرحلات حول المسار الرئيسي مسارات فرعية أصغر ولكن واسعة تتميز بتضاريسها وتاريخها الفريد. تمتد هذه المسارات لتوسيع نطاق الدرب بمقدار 600 كيلومتر، مما يخلق واحدة من أكبر شبكات المشي المتجاورة في العالم العربي.
جبال الأطلس
بين قمم جبال الأطلس الشامخة في المغرب، تقع جنّة وعرة تجذب عشاق الأنشطة الخارجية من جميع أنحاء العالم. وفي الوقت الذي تشكل فيها قمة توبقال، التي يبلغ ارتفاعها 4167 متراً، نقطة جذب للمتسلقين المتمرسين، توجد مسارات جذابة لا تقل روعة تقع أسفل قمّتها. أحد هذه المسارات يتعرج عبر قرية إمليل، حيث يوفر مسارات سهلة تناسب جميع الأعمار.
تتيح المسارات القديمة التي تمر عبر إمليل، والتي كانت تُسلك قديماً من قبل الرعاة وتربط بين المستوطنات النائية، فرصاً للتفاعل مع المجتمعات المحلية والانغماس في ضيافتها الفريدة. يستمتع المتنزهون الذين يجوبون المراعي الجبلية، تحت سلاسل جبال شاهقة وعبر ممرات بانورامية، بتجربة ثقافية غنية ولوحة متنوعة من المناظر الطبيعية الخلابة.
شوكين
تقع شوكين في لبنان وسط الغابات الخضراء في محمية جبل موسى، وتشكل البلدة دعوة إلى الجمال الهادئ والسحر الخالد. يأخذ "مسار بحيرة شوكين" المتنزهين في جولة هادئة عبر مسارات متعرجة على طول نهر صافٍ تماماً وبِرك طبيعية، ما يوفر ملاذاً هادئاً على بعد 40 كيلومتراً فقط من صخب مدينة بيروت.
بعد حوالي 90 دقيقة من الرحلة عبر المحمية، يُستقبل المغامرون بمنظر بحيرة شوكين الخلابة. تقع هذه الواحة الخلابة، التي تزينها صبغة فيروزية اللون ملفتة، على ارتفاع 600 متر فوق مستوى سطح البحر، وتحيط بها غابات كثيفة من البلوط والصنوبر. بعد الرحلة، يمكن السباحة في البحيرة أو تناول الطعام على ضفافها ليكون ذلك بمثابة خاتمة مجزية لهذه الرحلة.