تستقطب تنزانيا الزوار من جميع أنحاء العالم بفضل حدائقها الوطنية المشهورة عالمياً، والتي تتيح فرصة مشاهدة "الخمسة الكبار" عن قرب في بيئتهم الطبيعية. وعلى الرغم من أنها تعد من الوجهات السياحية التي يمكن زيارتها على مدار العام، إلا أن أشهر الصيف، بدءاً من يونيو وحتى أغسطس، تعد أفضل وقت للزيارة كونها تشهد موسم الهجرة العظيمة التي تُعيد الحياة إلى حديقة سيرينجيتي الوطنية المذهلة.
غالباً ما توصف الهجرة العظيمة للحيوانات البرية والحمار الوحشي عبر سهول شرق إفريقيا بأنها أعظم مشهد للحياة البرية في العالم. وهو الرأي الذي سيؤيده أي شخص استمتع برؤية هذه التجربة الرائعة للحيوانات وهي تجتاح السهول بحثاً عن مراعي أكثر خضرة في مشهد يخطف الألباب.
لا يوجد مكان آخر على وجه الأرض يمكن للمرء أن يرى فيه أكثرمن مليون حيوان بري يكمل دائرة طولها 2000 كيلومتر تقريباً أفضل من تنزانيا وكينيا على الحزام الشرقي للقارة الأفريقية. تعتبر هذه الهجرة واحدة من هجرات الحياة البرية التي لا ينبغي تفويتها، حيث يبعث صوت آلاف الحوافر وهي تضرب غابات السافانا القشعريرة في البدن، بينما تنغمس الحيوانات في سباق جماعي للوصول إلى الجانب الآخر. ومن المعلوم بأن هذه الهجرات من بين الأدوار العظيمة التي تلعبها هذه الحيوانات المهيبة في الحفاظ على النظام البيئي بحيث تتيح للنباتات فرصة النمو والتجديد عندما تتحرك إلى مناطق أخرى.
الهجرة العظيمة هي ظاهرة يمكن مشاهدتها على مدار العام عندما تعبر هذه القطعان المهيبة السهول باتجاه عقارب الساعة عبر حديقة سيرينجيتي الوطنية ومحمية ماساي مارا أثناء تتبعها للأمطار. وخلال الفترة من ديسمبر إلى أبريل، يمكن العثور على الحيوانات البرية عادة في سهول ندوتو في جنوب سيرينجيتي، وهناك يمكن رؤية إناث الظباء وهي تلد وتطعم صغارها، حيث يُولد ما يقارب النصف مليون عجل كل عام. وبينما تبذل الأمهات قصارى جهدهن لمساعدة صغارهن على الوقوف على أقدامهم على الفور، البعض منهم لا يكونوا مؤهلين للقيام بالرحلة الشاقة التي تنتظرهم.
وفي شهري أبريل ومايو، مع بدء جفاف السهول الجنوبية، يشير نبات البريتشور الغني برائحة التربة الدافئة الترابية بعد قطرات المطر الأولى إلى أن الوقت قد حان للتحرك نحو ممر سيرينجيتي الغربي. وهي أولى علامات الهجرة في تنزانيا، حيث تستعد مئات الآلاف من الحيوانات البرية لعبور السهول الغربية لتتجه أخيراً شمالاً بجوار نهر مبالاجويتي.
وتعد أكثر المعابر إثارة وخطورة هي تلك التي تعبر نهر جروميت في شهري يوليو وأغسطس، فهذا الممر هو واحد من أكبر العقبات التي تواجه القطيع أثناء رحلته، حيث تنتشر تماسيح النيل وغيرها من الحيوانات المفترسة في هذه المياه للنيل من فريسة سهلة. تتحدث الحيوانات البرية والحمار الوحشي التيارات المائية القوية لتشق طريقها شمالاً إلى أعشاب ماساي مارا الطازجة في مجموعات بحثاً عن الأمان الذي توفره الأعداد الكبيرة، ومع ذلك، فإن الأقوى فقط هم من ينجون بينما يقع العديد منهم فريسة لهجمات الحيوانات المفترسة.
وفي كينيا، يتحرك القطيع عبر ماساي مارا خلال شهري سبتمبر وأكتوبر، قبل ان تجذبهم أمطار نوفمبر للعودة إلى السهول الجنوبية لسيرينجيتي لتكرار هذه الدورة من جديد.
لمحبي رحلات السفاري الإفريقية، يُعد موسم الهجرة العظيمة وقتاً رائعاً للتواجد في تنزانيا، حيث يمكن مشاهدة هذه الرحلة الملحمية، التي استمرت لأكثر من مئة ألف عام، عن كثب. أدى التطور السريع واستيطان البشر إلى انهيار العديد من حركات الهجرة الشبيهة على مستوى العالم، لكن الحيوانات البرية تظل قوة هائلة في الممر الشرقي لأفريقيا، ولا تتوقف أبداً عن القيام برحلتها عاماً بعد عام في سعيها الدؤوب للحصول على الأمطار والأعشاب الطازجة.
لحجز فندقك في تنزانيا، يرجى زيارة rotana.com