تشاركنا ماريانا وهبي، إحدى الشخصيات البارزة في قطاع العلاقات العامة في الشرق الأوسط، أسرار مسيرتها العملية، وتقدم لنا لمحة عن أحد المشروعات الجديدة التي تعمل فيها حالياً في العاصمة الإماراتية أبوظبي.
تحقيق التوازن بين العمل والحياة الشخصية هو أحد المهارات التي تتقنها خبيرة العلاقات العامة، ماريانا وهبي. تقضي ماريانا وقتها ما بين مدينتي دبي وبيروت الحيويتين، حيث تترأس شركة العلاقات العامة الشهيرة (إم دبليو بي آر) والتي تفتخر بمحفظتها الواسعة من العملاء الطموحين. وبفضل قدرتها على تنفيذ مشاريع ذات مستوى عالمي، تمكنت ماريانا من لفت الأنظار خلال وقت قصير، وأصبحت تلقب بـ "ملكة العلاقات العامة" في المنطقة. لكن البداية لم تكن بهذه السهولة، حسب ما تؤكد ماريانا.
تقول ماريانا: "بدأت كل شيء منذ ما يقرب من 10 سنوات، فبعد أن عملت في عالم الشركات مع شركة "دي أتش إل" لمدة 16 عاماً، أدركت أنني بحاجة إلى إحداث تغيير في حياتي. وعندما أنظر اليوم إلى الوراء، أدرك إن القرار كان شجاعاً ومجنوناً، لكن مع الكثير من المثابرة تمكنت من إحداث هذا التغيير المحوري في مسيرتي وحياتي. تركت عملي ووثقت بحدسي ليقودني إلى ما أنا عليه اليوم".
وتضيف قائلة: "لقد استنفذ مني ذلك الكثير من الجهد والدموع أحياناً لكني تعلمت الكثير بما في ذلك ضرورة تقبل النقد البناء، والاستمتاع لمختلف الآراء، والتريث قبل اتخاذ أي قرار".
ومع النجاح الكبير الذي حققته، كان من الصعب علينا تصديق أن العمل في مجال العلاقات العامة لم يكن حلمها من الأساس. وحول ذلك توضح قائلة: "لم أدرس تخصص العلاقات العامة، لكنني انجذبت إليه بشكل تلقائي، فغالباً ما أجد نفسي منجذبة لقصص الناس والتواصل مع الآخرين. في البداية كانت لدي بعض الشكوك ولم أكن أنظر لنفسي على أنني شخص مبدع، لكنني اكتشفت العكس من خلال التجربة. وفي كل مرة التقي فيها بموهبة معينة فإنني أشعر بأن من حق العالم أن يتعرف عليها أيضاً".
ورغبة منها في مشاركة قصص الناس، أسست ماريانا شركتها التي تحمل اسمها عام 2013. تفتخر شركة العلاقات العامة بقائمة عملائها من العلامات التجارية الرائدة في مجالات متنوعة، من الأزياء والتصميم الداخلي وحتى السيارات والهندسة المعمارية، حيث أصبحت الشركة مرادفة للتميز المهني بفضل رؤية ماريانا وتفانيها. ومن الأحداث البارزة التي نفذها فريق عمل الشركة، حفل الذكرى المئوية لـ إمباير سينما في مدينة كان بفرنسا، و"آرت أوف دايننج" الذي تم تنفيذه بالتعاون مع مجلة أريكتيشرال دايجست، وحفل عشاء الذكرى السنوية الأولى لمجلة فوغ العربية، والذي شهد حضور مجموعة من أبرز الشخصيات والمشاهير في العالم إلى العاصمة اللبنانية للمشاركة بهذه الفعالية التي استمرت يومين، وكذلك مناسبة لسيارات ماكلارين، والذي وصفه الرئيس التنفيذي للشركة مايك فليويت "الأفضل على الاطلاق".
لكن العمل في العلاقات العامة ليس بالسلاسة التي قد يبدو عليها، فهناك الكثير من التحديات التي تواجه العاملين في هذا المجال. وفي سياق تسليط الضوء على التحديات التي تواجهها، تقول ماريانا: "يكمن التحدي الأكبر في اعتقاد العملاء بأن شركة العلاقات العامة تمتلك عصاً سحرية. كما أن الكثير منهم لا يدركون مقدار الوقت والعمل والجهد اللازم لإنشاء أساس متين لبناء جهود العلاقات العامة، فهي جزء أساسي من أي عمل ويجب أن تكون متكاملة. العلاقات العامة ليست مشروعاً مؤقتاً توظفه لفترة ثم توقفه. إنه مثل الهواء للعلامة التجارية، فهو جهد متواصل يحتاج إلى الاستمرارية".
ومع ذلك، توافق ماريانا على أن العملية مجزية بالقدر نفسه، وتقول: "أفضل شيء في حياتي المهنية هو أنني أنشأت مساحة عمل مفتوحة وتعاونية. عرفت عندما غادرت عالم الشركات أنني لا أريد أن تكون بيئة عملي رتيبة، أردت أن يشعر الناس بقدرتهم على المشاركة وأن يكونوا جزءاً من جميع النجاحات التي نحققها. أعتقد أن العمل مع أشخاص متميزين ورائعين، سمح لي بتوسيع نطاق أعمالي، وزيادة التواصل مع العملاء وتطوير المشاريع المختلفة".
تعمل ماريانا في الوقت الحالي على مشروع كبير في أبوظبي. وحول ذلك تقول: "على الرغم من أنني لا أستطيع البوح بالكثير من المعلومات عنه بعد، إلا أن المشروع مرتبط بشركة تطوير عقاري فريدة من نوعها وبالشراكة مع إحدى مجلات التصميم. ما نعمل عليه لم يتم إنجازه من قبل في أبوظبي، واتطلع لليوم الذي أستطيع فيه الكشف عن المشروع".
وبعيداً عن عملها، تحدثت ماريانا عن أهمية تحقيق التوازن في الحياة، وهو الأمر الذي يجعلها تتنقل بين أولوياتها الشخصية والمهنية بسهولة. ولكنها تؤكد بأن الأمر ليس سهلاً على الدوام، وتقول: "منذ عامين، أصبت بمرض شديد، وكأن الكون أراد تذكيري بضرورة أخذ قسط من الراحة. أحياناً نعتقد أن الأشياء لا يمكن أن تعمل دوننا وأن العالم يقف ساكناً إن لم نكن متواجدين 24 ساعة في اليوم. كنت أعاني من الفشل الكلوي، وأدركت عندها أهمية الاعتناء بالنفس ومنخ الصحة الأولوية. وأيقنت بأنه في حال توظيف فريق العمل المناسب الذي تثق وتؤمن به وتؤمن به، فإن العمل سيستمر دون معوقات. والدرس الأكبر هو أن الحياة قصيرة جداً، لذا علينا أن نأخذ قسطاً من الراحة بين الحين والأخر لنتمكن من شحن طاقاتنا، وإيجاد التوازن بين العمل والحياة بشكل مستمر".
أما كيف تقضي إجازتها، تقول ماريانا: "نختلف نشاطاتي في بيروت عن دبي. فمثلاً في دبي، أفضل البقاء في المنزل، وأمارس الرياضة وأقوم بالطبخ. أما في بيروت، فعادةً ما أقضي معظم وقتي مع شريك حياتي، نجلس في الحديقة أو نطبخ سوية. من الواضح أن الطهي يلعب دوراً كبيراً في حياتي. أحب أن أكون جزءاً من مجتمع يعشق الطعام الجيد والموسيقى، وفي حال خرجت أفضل الذهاب إلى أحد أماكن السهر والرقص في بيروت".